وحضارة ساطعة لا تتنافى مع المقامات المعنوية والقيم الإلهية والإنسانية ، كما ذكرت ذلك الآيات المذكورة أعلاه بعد انتهائها من سرد النعم الماديّة التي أجزلها الله على سليمان ، إذ يقول القرآن المجيد : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ).
وفي حديث ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال فيه : «أرأيتم ما اعطي سليمان بن داود من ملكه؟ فإنّ ذلك لم يزده إلّا تخشعا ، ما كان يرفع بصره إلى السماء تخشعا لربّه» (١)!
ب : لإدارة شؤون مملكته كبيرة مترامية الأطراف ، يجب توفّر وسيلة سريعة للاتّصال ، كما ينبغي الاستفادة من الطاقات المختلفة ، والحيلولة دون نفوذ القوى المخرّبة ، والاهتمام بالقضايا العمرانية ، والحصول على الأموال عن طريق استخراج الثروات من البرّ والبحر ، ووضع الإمكانات تحت تصرّف الولاة والعمّال المناسبين والجديرين بتسلّم المناصب ، كلّ هذه الأمور عكستها قصّة سليمان بصورة واضحة.
ج : الاستفادة من القوى البشرية بأقصى حدّ ممكن ، بل ويمكن الاستفادة حتّى من الشياطين ، إذ يمكن توجيهها وإرشادها للطريق الصحيح ، وغلّ وتصفيد المتبقّي منها الذي لا يستفاد منه.
٢ ـ سليمان في القرآن والتوراة
القرآن المجيد وصف نبي الله سليمان في الآيات المذكورة أعلاه بأنّه إنسان طاهر وصاحب قيم ومدبّر وعادل.
في حين وصفه كتاب التوراة الحالي المحرّف (والعياذ بالله) بأنّه رجل فاجر مطيع لهوى نفسه وذو نقاط ضعف كثيرة. والعجيب في الأمر أنّه استعرض إلى جانب هذه الصفات الكاذبة والمزيّفة مناجاة سليمان لربّه وأشعاره الدينيّة وأمثاله
__________________
(١) روح البيان ، المجلّد ٨ ، الصفحة ٣٩.