فعرفه إبراهيم الذي كان يسطع بنور الإيمان والنبوّة ، وصاح به : ابتعد من هنا يا عدوّ الله (١).
وورد في حديث آخر أنّ إبراهيم جاء في البداية إلى (المشعر الحرام) ليذبح ابنه هناك ، ولكن الشيطان تبعه ، فترك المحلّ وذهب إلى مكان (الجمرة الاولى) فتبعه الشيطان أيضا ، فرماه إبراهيم بسبع قطع من الحجارة ، وعند وصوله إلى (الجمرة الثانية) شاهد الشيطان أمامه أيضا فرماه بسبع قطع اخرى من الحجارة ، وحالما وصل إلى جمرة العقبة وشاهد الشيطان ثالثة رماه بسبع اخرى ، وبهذا جعل الشيطان ييأس منه إلى الأبد (٢).
من هنا يتّضح أنّ وساوس الشياطين أثناء أداء الامتحان الكبير يتعدّد أشكالها ، إذ أنّها تعترض طريق الإنسان من عدّة جهات وتتلوّن بعدّة ألوان ، فلذا يجب على المؤمنين أن يكونوا كإبراهيم قادرين على تشخيص الشيطان ومعرفته بسرعة مهما كان متسترا بشكل من الأشكال ، وإغلاق كلّ طريق يحتمل أن يرد منه ورميه بالحجارة ، فما أعظم هذا الدرس!!
٥ ـ فلسفة التكبيرات في (منى):
وكما هو معروف فإنّ من الأعمال الواردة في الروايات الإسلامية بشأن عيد الأضحى ، هي التكبيرات الخاصّة التي يردّدها المسلمون بعد الصلاة ، سواء كانوا من المشاركين في مراسم الحجّ بمنى ، أو ممّن لم يشارك فيها من المسلمين في سائر بقاع الأرض. (غاية الأمر انّ الحجّاج في منى يكبّرون بعده صلاة أوّلها بعد صلاة الظهر من يوم العيد ، وفي المناطق الاخرى يكبّر المسلمون هذه التكبيرات بعد ١٠ صلوات).
__________________
(١) تفسير أبو الفتوح الرازي ، المجلّد ٩ ، الصفحة ٣٢٦ ، في ذيل الآيات المتعلّقة بالبحث.
(٢) تفسير (أبو الفتوح الرازي) المجلّد (٩) الصفحة (٣٢٦) في ذيل الآيات الخاصّة بالبحث.