وضع العالم هذا مخالف «للحكمة» و (للعدالة) ، وهذا هو دليل آخر على مسألة المعاد.
وبعبارة اخرى ، فلإثبات مسألة المعاد ـ أحيانا ـ يمكن الاستدلال عليها عن طريق برهان (الحكمة) وأحيانا اخرى عن طريق برهان (العدالة) ، فالآية السابقة استدلال بالحكمة ، والآية التي بعدها استدلال بالعدالة.
الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إلى موضوع يوضّح ـ في حقيقة الأمر ـ الهدف من الخلق ، إذ جاء في الآية الكريمة : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).
فتعليماته خالدة ، وأوامره عميقة وأصيلة ، ونظمه باعثة للحياة وهادية للإنسان إلى الطريق المؤدّي إلى اكتشاف هدف الخلق.
فالهدف من نزول هذا الكتاب العظيم لم يقتصر ـ فقط ـ على تلاوته وتلفّظ اللسان به ، بل لكي تكون آياته منبعا للفكر والتفكّر وسببا ليقظة الوجدان ، لتبعث بدورها الحركة في مسير العمل.
كلمة (مبارك) تعني شيئا ذا خير دائم ومستمر ، أمّا في هذه الآية فإنّها تشير إلى دوام استفادة المجتمع الإنساني من تعليماته ، ولكونها استعملت هنا بصورة مطلقة ، فإنّها تشمل كلّ خير وسعادة في الدنيا والآخرة.
وخلاصة الأمر ، فإنّ كلّ الخير والبركة في القرآن ، بشرط أن نتدبّر في آياته ونستلهم منها ونعمل بها.
* * *
ملاحظتان
١ ـ التقوى والفجور أمام بعضهما البعض
في الآيات المذكورة أعلاه ، ورد الفساد في الأرض في مقابل الإيمان والعمل