وقيل أيضا : إنّ القرائن المختلفة التي كانت في هذا المنام ، ومنها تكراره ثلاث ليال متتالية ، أوجد عنده علما ويقينا بأنّ ما شاهده في المنام هو تكليف إلهي وليس أمرا آخر.
على أيّة حال ، يمكن أن تكون كلّ هذه التفاسير صحيحة ، ولا يوجد تناقض بينها ، كما أنّها لا تتعارض وظواهر آيات القرآن الكريم.
٤ ـ عدم تأثّر روح إبراهيم الكبيرة بوساوس الشيطان :
لأنّ إمتحان إبراهيم كان من أكبر الامتحانات على طول التاريخ ، إذ كان الهدف منه إخلاء قلبه في أيّ حبّ لغير الله ، وجعله متنوّرا ـ فقط ـ بعشق وحبّ الله ، فقد عمد الشيطان ـ كما جاء في بعض الروايات ـ إلى تكريس كلّ طاقاته لعمل شيء ما يحول دون خروج إبراهيم منتصرا من الامتحان.
فأحيانا كان يذهب إلى زوجته (هاجر) ويقول لها : أتعلمين بماذا يفكّر إبراهيم؟ إنّه يفكّر بذبح ولده إسماعيل اليوم!
فكانت تجيبه هاجر : اذهب ولا تتحدّث بأمر محال ، فإنّه أرحم من أن يقتل ولده ، فهل يمكن العثور في هذه الدنيا على إنسان يذبح ولده بيده؟
الشيطان هنا يواصل وساوسه ، ويقول : إنّه يزعم بأنّ الله أمره بذلك.
فتجيبه هاجر : إذا كان الله قد أمره بذلك فعليه أن يطيع أوامر الله ، وليس هناك طريق آخر سوى الرضى والتسليم لأمر الله.
وأحيانا كان يذهب صوب (الولد) ليوسوس في قلبه ، لكنّه فشل أيضا إذ لم يحصل على أيّة نتيجة لأنّ إسماعيل كان كلّه قطعة من الرضى والتسليم لذلك الأمر.
وأخيرا اتّجه نحو الأب ، وقال له : يا إبراهيم إنّ المنام الذي رأيته هو منام شيطاني! لا تطع الشيطان!