فَيَكُونُ) (١).
الآية الأخيرة من هذه الآيات وهي في ذات الوقت آخر آية من سورة «يس» تنهي البحث في مسألة المبدأ والمعاد بشكل جميل وبطريقة الاستنتاج الكلّي فتقول : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
ومع الأخذ بنظر الإعتبار أنّ «ملكوت» من أصل «ملك» ـ على وزن حكم ـ بمعنى الحكومة والمالكية ، وإضافة (الواو) و (التاء) إليها للتأكيد والمبالغة ، يتّضح أنّ معنى الآية كما يلي : إنّ الحاكمية والمالكية المطلقة بدون أدنى قيد أو شرط بيد قدرته المطلقة ، وكذلك فإنّ الله سبحانه منزّه ومبرّأ عن أي عجز أو نقص في القدرة ، وبهذا الشكل فإنّ إحياء الموتى وإلباس العظام المتفسّخة لباس الحياة من جديد ، كلّ ذلك لن يشكّل لديه أيّة مشكلة ، ولذلك فاعلموا يقينا أنّكم إليه ترجعون وأنّ المعاد حقّ.
* * *
بحوث
لقد تقدّمت منّا الوعود بأن نتعرّض لبحث مركز في مسألة المعاد في ختام سورة (يس) وها نحن نفي بهذه الوعود ونشبع هذه المسألة بحثا من خلال ستّة مباحث لنعرضها للقرّاء الأعزّاء كما يلي :
١ ـ الإعتقاد بالمعاد أمر فطري :
إذا كان الإنسان قد خلق للفناء فيجب أن يكون عاشقا للفناء ، وأن يلتذّ بنهاية عمره وبموته في حين أنّنا نرى أنّ الموت بمعنى الفناء لم يكن سارا للإنسان في أي وقت ، وهو يفرّ منه بكلّ وجوده.
__________________
(١) هناك بحث آخر في تفسير جملة «كن فيكون» في تفسير الآية (١١٧) من سورة البقرة.