لم تكن قد اشتملت على مفسدة ، ولم تكن مصداقا للكذب ، فليس هناك دليل على حرمتها. ورواية الإمام الصادق عليهالسلام هي من هذا القبيل.
بناء على ذلك فإنّ عدم وجود الكذب في التورية ليس كافيا ، بل يجب أيضا أن لا تشتمل التورية على مفاسد ومضارّ اخرى. وبالطبع ففي الحالات التي تقتضي الضرورة فيها أن يقول الإنسان كذبا ، فمن المسلّم به جواز استعمال التورية ما دام هناك مجال لاستخدامها ، لكي لا يكون كلامه مصداقا للكذب.
لكن هل أنّ التورية جائزة أيضا للأنبياء ، أم لا؟
يجب القول : إنّه طالما كانت سببا في تزلزل ثقة الناس المطلقة فهي غير جائزة ، لأنّ الثقة المطلقة هذه هي رأسمال الأنبياء في طريق التبليغ ، وأمّا في موارد مثل ما ورد عن تمارض إبراهيم عليهالسلام ونظره في النجوم ، ووجود هدف مهمّ في ذلك العمل ، دون أن تتسبّب في تزلزل أعمدة الثقة لدى مريدي الحقّ ، فلا تنطوي على أي إشكال.
٢ ـ إبراهيم والقلب السليم :
كما هو معروف فإنّ كلمة (القلب) تعني في الاصطلاح القرآني الروح والعقل ، ولهذا فإنّ (القلب السليم) يعني الروح الطاهرة السالمة الخالية من كافّة أشكال الشرك والشكّ والفساد.
والقرآن الكريم وصف بعض القلوب بـ (القاسية) (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ...). (١)
وأحيانا وصفها بأنّها غير طاهرة ، كما ورد في (سورة المائدة ـ ٤١).
واخرى وصفها بالمريضة (سورة البقرة ـ ٦).
ورابعة وصفها بالقلوب المغلقة المختوم عليها (سورة التوبة ـ ٨٧).
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ١٣.