تائبا إلى الله العزيز الحكيم (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ).
«خرّ» مشتقّة من (خرير) وتعني سقوط شيء من علو ويسمع منه الصوت مثل صوت الشلالات ، كما أنّها كناية عن السجود ، حيث أنّ الأفراد الساجدين يهوون من حالة الوقوف إلى السجود ويقترن ذلك بالتسبيح.
كلمة (راكعا) التي وردت في هذه الآية ، إمّا أنّها تعني السجود كما جاءت في اللغة ، أو لكون الركوع مقدّمة للسجود.
على أيّة حال ، فالله سبحانه وتعالى شمل عبده داود بلطفه وعفا عن زلّته من حيث ترك العمل بالأولى ، كما توضّحه الآية التالية (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ). وإنّ له منزلة رفيعة عند الله (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ).
«زلفى» تعني المنزلة (والقرب عند الله) و (حسن مآب) إشارة إلى الجنّة ونعم الآخرة.
* * *
بحوث
١ ـ ما هي حقيقة وقائع قصّة داود؟
الذي وضّحه القرآن المجيد في هذا الشأن لا يتعدّى أنّ شخصين تسوّرا جدران محراب داود عليهالسلام ليحتكما عنده ، وأنّه فزع عند رؤيتهما ، ثمّ استمع إلى أقوال المشتكي الذي قال : إنّ لأخيه (٩٩) نعجة وله نعجة واحدة ، وإنّ أخاه طلب منه ضمّ هذه النعجة إلى بقيّة نعاجه ، فأعطى داود عليهالسلام الحقّ للمشتكي ، واعتبر طلب الأخ ذلك من أخيه ظلما وطغيانا ، ثمّ ندم على حكمه هذا ، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه ويغفر له ، فعفا الله عنه وغفر له.
وهنا تبرز مسألتان دقيقتان أيضا : الاولى مسألة الامتحان ، والثانية مسألة الاستغفار.