فقال الملك : إنّ هاهنا ميّتا مات منذ سبعة أيّام لم ندفنه حتّى يرجع أبوه ـ وكان غائبا ـ فجاءوا بالميّت وقد تغيّر وأروح ، فجعلا يدعوان ربّهما علانية ، وجعل شمعون يدعو ربّه سرّا ، فقام الميّت وقال لهم : إنّي قدمتّ منذ سبعة أيّام ، وأدخلت في سبعة أودية من النار وأنا احذّركم ممّا أنتم فيه ، فآمنوا بالله فتعجّب الملك.
فلمّا علم شمعون أنّ قوله أثّر في الملك ، دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون.
ونقل «العياشي» في تفسيره مثل هذه الرواية عن الإمام الباقر والصادق عليهماالسلام مع بعض التفاوت (١).
ولكن بمطالعة الآيات السابقة ، يبدو من المستبعد أنّ أهل تلك المدينة كانوا قد آمنوا ، لأنّ القرآن الكريم يقول : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ). ويمكن أن يكون هناك اشتباه في الرواية من جهة الراوي.
ومن الجدير بالملاحظة أيضا أنّ التعبير بـ «المرسلون» في الآيات أعلاه يدلّل على أنّهما أنبياء مرسلون من الله تعالى ، علاوة على أنّ القرآن الكريم يقول : بأنّ أهالي تلك المدينة (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) ، ومثل هذه التعبيرات ترد في القرآن الكريم عادة فيما يخصّ الأنبياء ، وإن كان قد قيل بأنّ رسل الأنبياء هم رسل الله ، ولكن هذا التوجيه يبدو بعيدا.
٢ ـ ما نتعلّمه من هذه القصّة
نتعلّم من القصّة التي عرضتها الآيات السابقة أمورا عديدة منها :
الف ـ أنّ المؤمنين لا يستوحشون أبدا من سلوك طريق الله سبحانه وتعالى منفردين كما هو حال المؤمن «حبيب النجّار» الذي لم ترهبه كثرة المشركين في مدينته.
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٤ (الجزء ٨) ـ صفحة ٤١٩.