ولا نذهب بعيدا ، فنحن مرّات عديدة وفي شرائط بعض الضائقات الحياتية ، نتّخذ قرارا مخلصا بيننا وبين الله على القيام بعمل ما أو ترك عمل ما ، ولكن بمجرّد تغيير تلك الشرائط يتغيّر قولنا وننسى قراراتنا ، إلّا إذا تحقّق لشخص ما تحوّل جدّي حقيقي ، لا تحوّل مشروط بتلك متعدّدة الشرائط التي بتغيّرها يعود إلى سابق حاله.
هذه الحقيقة وردت في آيات متعدّدة من القرآن المجيد ، من جملتها ما ورد في الآية (٢٨) من سورة الأنعام التي أشرنا إليها قبل قليل ، حيث تكذّب هؤلاء وتردّهم.
ولكن الآية (٥٣) من سورة الأعراف تكتفي فقط بأنّ هؤلاء الأفراد خاسرون ، ولكن لم تردّ بصراحة على طلبهم للعودة : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
نفس هذا المعنى ورد بشكل آخر في الآيات (١٠٧) و (١٠٨) من سورة المؤمنون : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ).
على كلّ حال ، فتلك مطالب غير ذات جدوى ، وأماني عديمة التحقّق ، ويحتمل أنّهم هم أيضا يعلمون ذلك ، ولكنّهم لشدّة العذاب وانسداد جميع المنافذ أمامهم يكرّرون هذه المطالب.
* * *