لذا فإنّ الله جلّ وعلا يضيف في الآية التالية (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) لأنّه (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
وبهذا الشكل لم يبق لديهم شيء ، لأنّ النظام المسيطر والحاكم على كلّ العالم يقول : لا شفاعة هناك ما لم يأذن البارئ عزوجل بذلك (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١).
أو كما يقول بعض المفسّرين : إنّ حقيقة الشفاعة ، هي التوسل بأسماء الله الحسنى ، التوسل برحمته وغفرانه وستره ، طبقا لهذا فإنّ كافة أشكال الشفاعة تعود في النهاية إلى ذاته المقدسة ، إذن كيف يمكن طلب الشفاعة من غيره وبدون إذنه (٢).
وبشأن ارتباط عبارة (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بما قبلها ، أظهر المفسّرون عدّة آراء مختلفة منها :
١ ـ هذه العبارة إشارة إلى أنّ شفاعة البارئ عزوجل لا تقتصر على هذه الدنيا ، وإنّما تتعداها إلى الشفاعة في الآخرة ، ولذا يجب عدم اللجوء إلى غير الله لحل المشاكل ورفع المصائب كما كان يفعل المشركون.
٢ ـ هذه العبارة هي دليل ثان على اختصاص الشفاعة بالله ، لأنّ الدليل الأوّل اعتمد على (مالكية) الله ، وهنا تمّ الاعتماد على (عودة جميع الأشياء إليه).
٣ ـ هذه الجملة هي بمثابة تهديد للمشركين ، إذ تقول لهم : إنّكم سترجعون إلى الله ، وستشاهدون نتيجة أفكاركم وأعمالكم السيئة والقبيحة.
كلّ هذه التفاسير مناسبة إلّا أنّ التّفسيرين الأوّل والثّاني أنسب.
* * *
__________________
(١) البقرة ، ٥٧.
(٢) الميزان ، المجلد ١٧ ، الصفحة ٢٨٦.