تعطي الأمل للمذنبين ، فشموليتها وسعتها وصلت إلى درجة قال بشأنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : «ما في القرآن آية أوسع من يا عبادي الذين أسرفوا ...» (١).
والدليل على ذلك واضح من وجوه :
١ ـ التعبير بـ (يا عِبادِيَ) هي بداية لطف البارئ عزوجل.
٢ ـ التعبير بـ (إسراف) بدلا من (الظلم والذنب والجريمة) هو لطف آخر.
٣ ـ التعبير بـ (عَلى أَنْفُسِهِمْ) يبيّن أنّ ذنوب الإنسان تعود كلّها عليه ، وهذا التعبير هو علامة اخرى من علامات محبّة الله لعباده ، وهو يشبه خطاب الأب الحريص لولده ، عند ما يقول : لا تظلم نفسك أكثر من هذا!
٤ ـ التعبير بـ (لا تَقْنَطُوا) مع الأخذ بنظر الاعتبار أن «القنوط» يعني ـ في الأصل ـ اليأس من الخير ، فإنّها لوحدها دليل على أن المذنبين يجب أن لا يقنطوا من اللطف الإلهي.
٥ ـ عبارة (مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) التي وردت بعد عبارة (لا تَقْنَطُوا) تأكيد آخر على هذا الخير والمحبّة.
٦ ـ عند ما نصل إلى عبارة (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ) التي بدأت بتأكيد ، وكلمة «الذنوب» التي جمعت بالألف واللام تشمل كلّ الذنوب من دون أيّ استثناء ، فإنّ الكلام يصل إلى أوجه ، وعندها تتلاطم أمواج بحر الرحمة الالهية.
٧ ـ إنّ ورود كلمة (جميعا) كتأكيد آخر للتأكيد السابق يوصل الإنسان إلى أقصى درجات الأمل.
٨ و ٩ ـ وصف البارئ عزوجل بالغفور والرحيم في آخر الآية ، وهما وصفان من أوصاف الله الباعثة على الأمل ، فلا يبقى عند الإنسان أدنى شعور باليأس أو فقدان الأمل.
__________________
(١) مجمع البيان وتفسير القرطبي وتفسير الصافي ذيل الآية مورد البحث.