الوهمية ـ أي الملائكة والجن وأمثالهم ـ هي التي خلقت هذا الكون وأوجدته (١) وبالطبع فإنّ هناك أسبابا أخرى لعبادة الأصنام ، ومنها أنّ الاحترام الفائق الذي يكنونه في بعض الأحيان للأنبياء والصالحين يتسبب في احترام حتى التمثال الذي ينحت أو يصنع لهم بعد وفاتهم ، ومع مرور الزمن تأخذ هذه لتماثيل طابعا استقلاليا ، ويتبدل الاحترام إلى عبادة ، ولهذا فإنّ الإسلام نهى بشدّة عن صنع التماثيل.
وقد ورد في كتب التأريخ أنّ عرب الجاهلية كانوا يكنون احتراما فائقا للكعبة الشريفة ولأرض مكّة المكرّمة ، ولهذا كانوا يأخذون معهم قطعة حجر صغيرة من تلك الأرض عند ما يذهبون إلى مكان آخر ، ويضفون عليها الاحترام والتقديس ، ومن ثمّ يعمدون إلى عبادتها.
وما ورد في قصة (عمرو بن لحي) التي جاء فيها ، أنّ عمرا في إحدى رحلاته إلى بلاد الشام شاهد بعض مشاهد عبدة الأصنام ، وفي طريق عودته إلى الحجاز ، اصطحب معه صنما من بلاد الشام ، ومنذ ذلك الحين بدأت عبادة الأصنام في الحجاز هذه القصّة لا تتعارض مع ما ذكرناه لأنّه يبيّن بعض جذور عبادة الأصنام ، وهدف أهل الشام من عبادة الأصنام كان مأخوذا من أحد تلك الأمور أو نظائرها.
عبادة الأصنام ـ بأي شكل كانت ـ ما هي إلّا أوهام وخيالات لا صحة لها ترشحت من أفكار ضعيفة وعاجزة ، حرفت الناس عن الطريق الرئيسي الأصيل لمعرفة الله.
والقرآن المجيد يؤكّد بصورة خاصّة على أنّ الإنسان يستطيع أن يتصل بالله من دون أي واسطة ، وأن يتحدث معه ويناجيه ويطلب منه حاجته ، ويطلب العفو
__________________
(١) تفسير الميزان ، المجلد ١٧ ، الصفحة ٢٤٧ مع بعض التغييرات.