فهل يمكن أن يعاقب البارئ عزوجل أحدا من دون أن يتمّ حجّته عليه؟ وهل كان هناك فرق بينك وبين الذين اهتدوا إلى طريق الحق من حيث المناهج التربوية الإلهية التي أعدّت لكم ولهم؟ لهذا فأنت المقصر الرئيسي ، وأنت بنفسك جلبت اللعنة إليك!
فمن بين تلك الأعمال الثلاثة يعد (الاستكبار) الجذر الرئيسي ، ومن بعد يأتي التكذيب بآيات الله ، وحصيلة الاثنين هو الكفر وعدم الإيمان.
ولكن لماذا لم يجيب القرآن على القول الأول؟
الجواب : لأنّ هناك حقيقة لا مناص منها ، وهي أنّهم يجب أن يتحسروا ويغرقوا في الغم والهم.
وأما بشأن قولهم الثّالث الذي يتوسلون فيه إلى البارئ عزوجل كي يسمح لهم بالعودة إلى الحياة الدنيا ، فإنّ القرآن الكريم يجيبهم في عدّة آيات منها الآية (٢٨) من سورة الأنعام : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) والآية (١٠٠) من سورة المؤمنون ، ولا حاجة لتكرار تلك الأجوية.
والملاحظ هنا أنّ الرد على قولهم الثّاني ، يمكن أن يكون في الوقت نفسه إجابة على السؤال الثّالث أيضا ، لأنّهم ماذا يهدفون من عودتهم إلى الحياة الدنيا؟ هل أنّه أمر آخر غير إتمام الحجة ، في حين أنّ البارئ عزوجل أتمّ الحجة عليهم بصورة كاملة لا نقص فيها ، فانتباه المجرمين من غفلتهم فور مشاهدتهم للعذاب ، إنّما هو نوع من اليقظة الاضطرارية التي لا يبقى لها أي أثر عند ما يعودون إلى حالتهم الطبيعية. حقا إنّه نفس الموضوع الذي يشير إليه القرآن الكريم بشأن الكافرين والمشركين الذين يدعون الله مخلصين له الدين عند ما يبتلون بخطر ما في وسط البحر المتلاطم الأمواج ، ثمّ ينسون الله بمجرّد أن ينجيهم ويوصلهم بسلام إلى ساحل النجاة (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ