الآية ـ هنا ـ تستهدف أولئك الذين قالوا بوجود شريك لله ، أو باتخاذ الله ولدا من الملائكة أو الذين يزعمون أنّ المسيح عليهالسلام هو ابن الله ، وأمثال هذه المزاعم والادعاءات.
وكلمة «مستكبر» تطلق دائما على أولئك الذين يرون أنفسهم ذات شأن وقدر كبير ، ولكن المراد منها ـ هنا ـ أولئك الذين يستكبرون على الأنبياء ، والذين يتركون اتباع الشريعة الحقة ، ويرفضون قبولها واتباعها.
اسوداد وجوه الكاذبين يوم القيامة دليل على ذلتهم وهوانهم وافتضاحهم ، وكما هو معروف فإن ساحة القيامة هي ساحة ظهور الأسرار والخفايا وتجسيد أعمال وأفكار الإنسان ، فالذين كانت قلوبهم سوداء ومظلمة في الدنيا ، وأعمالهم وأفكارهم سوداء ومظلمة أيضا ، يخرج هذا السواد والظلام من أعماقهم إلى خارجهم في يوم القيامة ليطفح على وجوههم التي تكون في ذلك اليوم مسودّة ومظلمة.
وبعبارة اخرى فإنّ ظاهر الإنسان يطابق باطنه يوم القيامة ، ولون الوجه يكون بلون القلب ، فالذي قلبه أسود ومظلم ، يكون وجهه مظلما وأسود ، والذي قلبه ساطع بالنور يكون وجهه كذلك ساطعا بالنور.
وهو ما ورد في الآيتين (١٠٦) و (١٠٧) من سورة آل عمران (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
والملفت للنظر أنّه قد ورد في بعض الروايات أهل البيت عليهمالسلام ، أن الكذب على الله ، الذي هو أحد أسباب اسوداد الوجه يوم القيامة ، له معان واسعة تشمل حتى الادعاء بالإمامة والقيادة كذبا ، كما ذكر ذلك الشيخ الصدوق في كتاب (الاعتقادات) نقلا عن الإمام الصادق عليهالسلام عند ما أجاب الإمام على سؤال