أمّا الآية (٥٣) من سورة يس (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) فإنّها تتحدث عن صيحة (الإحياء) التي تبعث الناس من جديد وتحضرهم إلى محكمة العدل الإلهية.
من مجموع هذه الآيات يمكن أن يستشف بأن نهاية أهل السموات والأرض تتمّ بعد صيحة عظيمة وهي (صيحة الموت) وأنّهم يبعثون من جديد وهم قيام بصيحة عظيمة أيضا ، وهذه هي (صيحة بعث الحياة).
وأمّا كيف تكون هاتان الصيحتان؟
وما هي آثار الصيحة الأولى وتأثير الصيحة الثانية؟ فلا علم لأحد بهما إلّا الله سبحانه وتعالى ، ولذا ورد في بعض الرّوايات التي تصف (الصور) الذي ينفخ فيه «إسرافيل» في نهاية العالم ، عن علي بن الحسين عليهالسلام : ـ «وللصور رأس واحد وطرفان ، وبين طرف رأس كلّ منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء إلى الأرض» قال : فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي بلي الأرض فلا يبقى في الأرض ذو روح إلّا صعق ومات ، ويخرج الصوت من الطرف الذي بلي السماوات فلا يبقى في السماوات ذو روح إلّا صعق ومات إلّا إسرافيل ، قال : فيقول الله لإسرافيل : يا إسرافيل ، مت ، فيموت إسرافيل ...» (١).
على أية حال ، فإنّ أكثر المفسّرين اعتبروا (النفخ في الصور) كناية لطيفة عن كيفية نهاية العالم وبدء البعث ، ولكن مجموعة قليلة من المفسّرين قالوا : إن (صور) هي جمع (صورة) وطبقا لهذا القول ، فقد اعتبروا النفخ في الصور يعني النفخ في الوجه ، مثل نفخ الروح في بدون الإنسان ، ووفق هذا التّفسير ينفخ مرّة واحدة في وجوه بني آدم فيموتون جميعا ، وينفخ مرة اخرى فيبعثون جميعا (٢).
هذا التّفسير إضافة إلى كونه لا يتطابق مع ما جاء في الروايات ، فإنّه
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، المجلد ٤ ، الصفحة ٥٠٢.
(٢) يرجى الانتباه إلى أنّ (صور) هي على وزن (نور) ، و (صور) هي على وزن (زحل) هما جمع (الصورة).