في حين يعتقد البعض الآخر بأنّ الملائكة هم الشهداء على أعمال الإنسان ، والآية (٢١) في سورة (ق) تعطي الدليل على هذا المعنى (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ).
وقال البعض : إن أعضاء بدن الإنسان ومكان وزمان الطاعة والمعصية هم الذين يشهدون على الإنسان يوم القيامة.
ويبدو أن كلمة (شهداء) لها معان واسعة ، أشار كلّ مفسر إلى جانب منها في تفسيره.
واحتمل البعض أنّها تخص «الشهداء» الذين قتلوا في سبيل الله ، ولكن هذا الاحتمال غير وارد وبعيد ، لأن الحديث هو عن شهداء محكمة العدل الإلهي ، وليس عن شهداء طريق الحق ، مع إمكانية انضمامهم إلى صفوف الشهود.
العبارة الرّابعة تقول : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ).
والخامسة تضيف : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
فمن البديهيات ، عند ما يكون الحاكم هو البارئ عزوجل ، وتشرق الأرض بنور عدالته ، وتعرض صحائف أعمال الإنسان التي تبيّن كلّ صغيرة وكبيرة بدقّة ، ويحضر الأنبياء والشهود والعدول ، فلا يحكم البارئ عزوجل إلا بالحق ، وفي مثل هذا المحاكم لا وجود للظالم والاستبداد مطلقا.
العبارة السادسة في الآية التالية أكملت الحديث بالقول : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ).
إنّ جزاء الأعمال وعواقبها سترد إليهم ، وهل هناك مكافأة ومجازاة أعلى من أن يريد عمل الإنسان بصورة كاملة إلى الإنسان نفسه (نلفت الانتباه إلى أن كلمة (وفيت) تعني الأداء بصورة كاملة) ويبقى مرافقا له إلى الأبد.
فالذي يتمكن من تنفيذ مثل هذه المناهج العادلة بدقّة ، هو الذي أحاط علمه