بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ).
ثم لم يكتفوا بهذا القدر أيضا ، بل لجأوا إلى الكلام الباطل لأجل القضاء على الحق ومحوه ، وأصروا على إضلال الناس وصدّهم عن شريعة الله : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) (١).
إلّا أنّ هذا الوضع لم يستمر طويلا ، ولم يبق لهم الخيرا دوما ، إذ حينما حان الوقت المناسب جاء الوعد الإلهي : (فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ).
لكم ـ أيّها الناس ـ أن تشاهدوا خرائب مدنهم حين سفركم وأثناء تجوالكم ... انظروا عاقبتهم المشؤومة المظلمة مدونة على صفحات التأريخ وفي صدور أهل العلم ، فانظروا واعتبروا!
ليس هناك أفضل من هذا المصير الذي ينتظر أشقياء مكّة من الكفار والمشركين الظالمين ، إلّا أن يثوبوا إلى أنفسهم ويعيدوا تقييم أعمالهم.
إذا ، الآية أعلاه تلخص برنامج «الأحزاب» الطاغية ومخططهم في ثلاثة أقسام هي : (التكذيب والإنكار) ثمّ (التآمر للقضاء على رجال الحق) وأخيرا (الدعاية المستمرة لإضلال عامّة الناس).
أمّا مشركو العرب على عهد البعثة النّبوية فقد قاموا بتكرار هذه الأقسام الثلاثة حيال رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وحيال رسالته ، لذلك فليس ثمّة من عجب أن يهددهم القرآن الكريم بما حلّ بأسلافهم وبمن سبقهم من الأحزاب ... نفس العاقبة ونفس الجزاء!
الآية الأخيرة ـ في المقطع الذي بين أيدينا ـ تشير إلى الجزاء الأخروي الذي ينتظر هؤلاء ، بالإضافة إلى قسطهم من العقاب الدنيوي (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ).
إنّ المعنى الظاهري للآية واسع ، يشمل جميع الكفار والمعاندين من جميع
__________________
(١) «ليدحضوا» مصدرها ثلاثي (إدحاض) وتعني الإزالة والإبطال.