رابعا : احتياجه لزوجة ، والله منزّه ومقدّس عن كلّ تلك الأمور.
وإنّ كان المقصود هو الولد المنتخب أي (المتبنىّ) فإن ذلك إنّما يتمّ لأجل احتياجه لمساعدة جسدية أو لمؤانسة روحية ، والله القادر القاهر لا يحتاج إلى كلّ هذه الأمور. وبهذا فإنّ وصفه بـ (الواحد) و (القهار) هو جواب مختصر على كلّ تلك الاحتمالات.
على أية حال ، فإنّ عبارة (لو) التي تستخدم عادة للشرط المستحيل إشارة إلى أن هذا الفرض محال في أن ينتخب البارئ عزوجل والدا له ، وبفرض المحال أنّه يحتاج ، فإنّه غير محتاج لما يقولونه من اتخاذ الولد ، بل إن مخلوقاته المنتخبة هي التي تؤمن هذا الأمر.
ولإثبات حقيقة أنّ الله لا يحتاج إلى مخلوقاته ، ولبيان دلائل توحيده وعظمته ، يقول البارئ عزوجل : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ).
كون تلك الأمور حقّا دليل على وجود هدف كبير من وراء خلقها ، وذلك لتكامل المخلوقات وفي مقدمتها الإنسان ، ثمّ لا تنتهي عند البعث.
بعد عرض هذا الخلق الكبير ، تشير الآية إلى جوانب من تدبيره العجيب ، والتغيرات التي تطرأ بحسابات دقيقة ، والأنظمة الدقيقة أيضا التي تحكم أولئك ، إذ يقول القرآن المجيد : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ).
ما أجملها من عبارة! فلو وقف الإنسان في منطقة تقع خارج نطاق الكرة الأرضية ، ونظر إلى مشهد حركة الأرض حول نفسها وتكوّن الليل والنهار اللذين يطوقان سطحها المكور ، لشاهد ـ بصورة منتظمة ـ أن سواد الليل يستولي على طرف النهار من جهة ومن الجهة المقابلة يرى بأن ضوء النهار يستولي محركة مستمرة على ظلام الليل.
«يكون» من (تكوير) وتعني الشيء المتكور أو المنحني ، ويعتبر أصحاب اللغة تكوير العمامة على الرأس نموذجا للتكوير ، وهذا التعبير القرآني الجميل