تطرحه جميع ذرات الوجود ، وكلّهم يجيبون عليه بلسان حالهم ، بمعنى أنّك أينما تنظر تشاهد آثار حاكميته ، وأينما تدقق ترى علائم قاهريته واضحه.
فلو أصحت السمع إلى أي ذرة من ذرات الوجود ، لسمعتها تقول : (لِمَنِ الْمُلْكُ) وفي الجواب تسمعها نفسها تقول : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
وقد نرى في هذه الدنيا نموذجا مصغرا لذلك ، فعند ما ندخل إلى بيت أو مدينة أو بلد معين ، فإنّنا نحسن بقدرة شخص معين ، وبانبساط حاكميته ، وكأنّ الجميع يقولون ـ كلّ بلسان حاله ـ إنّ المالك أو الحاكم هو فلان ، وتشهد على ذلك حتى الجدران!!
وبالطبع ، في هذا اليوم أيضا تطغى الحاكمية الإلهية على كلّ شيء ، وتبسط قدرتها في كلّ الأرجاء ، لكن في يوم القيامة سيكون لها ظهور وبروز من نوع جديد ، فهناك لا يوجد كلام عن حكومة الجبارين ، ولا نسمع ضجيج الطواغيت السكارى ، ولا نرى أثرا لإبليس وجنوده وجيوشه من الإنس والجن.
الخصوصية الرابعة لذلك اليوم ، هو كونه يوم جزاء : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ). أجل ، إن ظهور وبروز الاحاطة العلمية لله تعالى وحاكميته ومالكيته وقهاريته كلها أدلة واضحة على هذه الحقيقة العظيمة المخيفة من جهة ، والمفرحة من جهة اخرى.
أمّا الخصوصية الخامسة لذلك اليوم ، فهي ما يختصره قوله تعالى : (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ).
وكيف يمكن أن يحصل الظلم ، في حين أن الظلم إمّا أن يكون عن جهل ، والله عزوجل قد أحاط بكل شيء علما.
وإمّا أن يكون عن عجز ، والله عزوجل هو القاهر والمالك والحاكم على شيء ، لذا لا مجال لظلم أحد في محضر القدس الإلهي وفي ساحة القضاء الإلهي العادل.