الْأَرْضِ) (١).
وقد روي أنّه (لما جيء بعبد الله بن أبي سرح إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ما اطمأن أهل مكّة وطلب له الأمان عثمان صمت رسول الله طويلا ثمّ قال (نعم) فلما انصرف قال رسول الله لمن حوله : «ما صمّت طويلا إلّا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» فقال رجل من الأنصار : فهلا أو أومأت إليّ يا رسول الله ، فقال : «إن النّبي لا تكون له خائنة الأعين» (٢).
وبالطبع فإنّ لخيانة العين أشكال مختلفة ، إذ تتمثل في بعض الأحيان باستراق النظر إلى ما يحرم كالنساء وغيرهن ، وأحيانا تتمثل بإشارات معينة للعين تهدف تحقير الآخرين والاستهزاء بكلامهم. وقد تكون حركات العين مقدمة المخططات شيطانية ضدّ الآخرين.
إنّ من يؤمن بالحساب الدقيق في الآخرة ، عليه أن يراعي حدود التقوي في خائنة الأعين وخطرات الفكر ، وواضح أنّ استحضار عناصر الرقابة هذه لها مؤدّاها التربوي الكبير في سلوك الإنسان وحياته.
وفي قصص الوعظ المتداولة في مجالس العلماء ، يقال أن أحد كبار العلماء عند ما أنهى دراسته الدينية في النجف الأشرف ، طلب من أستاذه عند ما أراد الرجوع إلى بلده أن يعظه وينصحه ، فقال له الأستاذ : بعد كلّ هذا التعب وتحمّل مضايق الدراسة والتحصيل فإنّ آخر نصيحتي لك هي أن لا تنسى أبدا قوله تعالى (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (٣).
المؤمن الحقيقي يعتبر العالم كلّه حاضرا عند الله تعالى ، وإنّ كلّ الأعمال تتمّ في حضوره ، وينبغي لهذا الحضور الإلهي أن يكون رادعا كافيا للخجل والكف
__________________
(١) سبأ ، الآية ٣.
(٢) تفسير القرطبي ذيل الآية.
(٣) العلق ، الآية ١٤.