وفي الآية (١٥) من سورة الكهف قوله تعالى : (لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ).
أمّا «الآيات» فقد وردت في القرآن مرارا بمعنى المعاجز.
وبناء على هذا فإنّ «آيات» في الآية التي نحن بصددها تشير إلى «معجزات موسى» بينما يشير «سلطان مبين» إلى منطق موسى عليهالسلام القوي وأدلته القاطعة في مقابل الفراعنة.
إنّ موسى عليهالسلام كان يزاوج بين منطق العقل ، وبين الأعمال الإعجازية التي تعتبر علامة كافية على ارتباطه بعالم الغيب وبالله تعالى ، ولكن في المقابل لم يكن للفراعنة من منطق سوى اتهامه بالسحر أو الكذب. لقد اتهموه بالسحر في مقابل الآيات والمعجزات التي أظهرها ، وكذّبوه مقابل منطقه واستدلاله العقلاني على الأمور. وهذا ما يؤيد الرأي الذي اخترناه في تفسير «آيات» و «سلطان مبين».
وبالنسبة للطواغيت والفراعنة لا يملكون أصلا سوى منطق الاتهام ، وأسلوب إطلاق الشبهات على رجال الحق ودعاته.
والذي يلفت النظر في الآية الكريمة إشارتها إلى ثلاثة أسماء ، كلّ واحد منها يرمز لشيء معين في سياق الحالة السائدة آنذاك ، والتي يمكن أن تجد مماثلاتها في أي عصر.
«فرعون» نموذج للطغاة والعصاة وحكّام الظلم والجور.
«هامان» رمز للشيطنة والخطط الشيطانية.
«قارون» نموذج للأثرياء البغاة ، والمستغلين الذين لا يهمهم أي شيء في سبيل الحفاظ على ثرواتهم وزيادتها.
وبذلك كانت دعوة موسى عليهالسلام تستهدف القضاء على الحاكم الظالم ، والمخططات الشيطانية لرموز السياسة في حاشية السلطان الظالم ، وبتر تجاوزات الأثرياء المستكبرين ، وبناء مجتمع جديد يقوم على قواعد العدالة الكاملة في