من موقعه في بلاط فرعون ـ مكلفا بحماية موسى عليهالسلام من أي خطر يمكن أن يتهدد من فرعون أو من جلاوزته.
فعند ما شاهد أنّ حياة موسى في خطر بسبب غضب فرعون ، بادر بأسلوبه المؤثر للقضاء على هذا المخطط.
يقول تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ).
أتقتلوه في حين أنّه : (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ).
هل فيكم من يستطيع أن ينكر معاجزه ، مثل معجزة العصا واليد البيضاء؟ ألم تشاهدوا بأعينكم انتصاره على السحرة ، بحيث أن جميعهم استسلموا له وأذعنوا لعقيدته عن قناعة تامة ، ولم يرضحوا لا لتهديدات فرعون ووعيده ، ولا لإغراءاته وأمنياته ، بل استرخصوا الأرواح في سبيل الحق ، في سبيل دعوة موسى ، وإله موسى ... هل يمكن أن نسمّي مثل هذا الشخص بالساحر؟
فكروا جيدا ، لا تقوموا بعمل عجول ، تحسّبوا لعواقب الأمور وإلّا فالندم حليفكم.
ثم إنّ للقضية بعد ذلك جانبين : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ).
إنّ حبل الكذب قصير ـ كما يقولون ـ وسينفضح أمره في النهاية إذا كان كاذبا ، وينال جزاء الكاذبين ، وإذا كان صادقا ومأمورا من قبل السماء فإنّ توعده لكم بالعذاب حاصل شئتم أم أبيتم ، لذا فإنّ قتله في كلا الحالين أمر بعيد عن المنطق والصواب.
ثم تضيف الآيات : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
فإذا كان موسى سائرا في طريق الكذب والتجاوز فسوف لن تشمله الهداية الإلهية ، وإذا كنتم أنتم كذلك فستحرمون من هدايته.