أوضح لهم أولا أنّ عمل موسى عليهالسلام لا يحتاج إلى ردّة فعل شديدة كهذه.
ثم عليكم أن لا تنسوا أنّ الرجل يملك «بعض» الأدلة ، ويظهر أنّها أدلة معتبرة ، لذا فإنّ محاربة مثل هذا الرجل تعتبر خطرا واضحا.
والموضوع برمته لا يحتاج إلى موقف منكم ، فإذا كان كاذبا فسينال جزاءه من قبل الله ، ولكن يحتمل أن يكون صادقا ، وعندها لن يتركنا الله لحالنا.
ولم يكتف «مؤمن آل فرعون» بهذا القدر ، وإنّما استمرّ يحاول معهم بلين وحكمة ، حيث قال لهم كما يحكي ذلك القرآن من أنّه قال لهم أن بيدكم حكومة مصر الواسعة مع خيراتها ونعيمها فلا تكفروا بهذه النعم فيصيبكم العذاب الالهي.
(يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا).
ويحتمل أن يكون غرضه : إنكم اليوم تملكون كلّ أنواع القوّة ، وتستطيعون اتخاذ أي تصميم تريدونه اتجاه موسى عليهالسلام ، ولكن لا تغرنكم هذه القوّة ، ولا تنسوا النتائج المحتملة وعواقب الأمور.
ويظهر أنّ هذا الكلام أثر في حاشية فرعون وبطانته ، فقلّل من غضبهم وغيظهم ، لكن فرعون لم يسكت ولم يقتنع ، فقطع الكلام بالقول : (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) وهو إنّي ارى من المصلحة قتل موسى ولا حلّ لهذه المشكلة سوى هذا الحل.
ثمّ إنني : (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ).
وهذه هو حال كافة الطواغيت والجبّارين على طول التأريخ ، فهم يعتبرون كلامهم الحق دون غيره ، ولا يسمحون لأحد في إبداء وجهة نظر مخالفة لما يقولون ، فهم يظنون أن عقلهم كامل ، وأن الآخرين لا يملكون علما ولا عقلا ... وهذا هو منتهى الجهل والحماقة.
* * *