لكنّ التَّفسير الأوّل أكثر مناسبة من غيره ، رغم عدم وجود أي تعارض بين هذه التفاسير ، بل من الممكن أن تصب جميعها في نفس المفهوم والمعنى.
وورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث في تفسير هذه الآية جاء فيه : «إنزاله ذلك خلقه إياه» أي أن إنزال تلك الأزواج الثمانية من الأنعام يعني خلقها من قبل الله.
ظاهر الحديث يشير إلى التّفسير الأوّل ، لأنّ الله سبحانه وتعالى هو خالق الخلق ، وله المقام الأسمى والأرفع.
وعلى أية حال ، فرغم أنّ الأنعام المذكورة قليلا ما يستفاد منها اليوم في عمليات النقل وحمل الأثقال ، لكنّها تقوم بمنافع مهمّة اخرى يزداد ويتسع حجم الاحتياج إليها يوما بعد آخر ، لأنّها تغطي اليوم الجانب الأعظم من احتياجات الإنسان الغذائية كالحليب واللحوم ، إضافة إلى أصوافها وجلودها التي كانت منذ السابق وحتى يومنا هذا تستخدم في صناعة الألبسة وغيرها من الأمور التي يحتاج إليها الإنسان ، حتى أنّ أحد المنابع المالية المهمّة بيد الدول الكبيرة في العالم يأتي عن طريق تربيه وتكثير هذه الحيوانات.
ثمّ تتطرق الآيات إلى حلقة اخرى من حلقات خلق الله ، وهي عملية نمو الجنين إذ تقول الآية : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ).
يتضح أنّ المقصود من (خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) هو الخلق المتكرر والمستمر ، وليس الخلق مرتين فقط.
«يخلقكم» : فعل مضارع يعطي معنى الاستمرارية ، وهو هنا بمثابة إشارة قصيرة ذات معان عميقة إلى التحولات العجيبة والصور المختلفة التي تطرأ على الجنين في مراحل وجوده المختلفة في بطن الأم. وطبقا لأقوال علماء علم الأجنّة