(يوم التناد) هو من أسماء يوم القيامة ، وقد ذكروا أسبابا لهذه التسمية متشابهة تقريبا ، فمنهم من يقول : إن ذلك يعود إلى مناداة أهل النّار لأهل الجنّة ، كما يقول القرآن : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) فجاءهم الجواب : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) (١) (٢). أو أنّ التسمية تعود إلى مناداة الناس بعضهم لبعض طلبا للعون والمساعدة.
وهناك من قال : إن سبب التسمية يعود إلى أنّ الملائكة تناديهم للحساب ، وهم يطلبون العون من الملائكة.
أو لأنّ منادي المحشر ينادي : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٣).
وقال بعضهم : إنّ السبب يعود إلى أنّ المؤمن عند ما يشاهد صحيفة أعماله ينادي برضى وشوق : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (٤) بينما الكافر من شدة خوفه وهول ما يحلّ به يصرخ وينادي : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) (٥).
ولكن يمكن تصور معنى أوسع للآية ، بحيث يشمل «يوم التناد في هذه الدنيا أيضا ، لأنّ المعنى ـ كما رأينا ـ يعني (يوم مناداة البعض بعض الآخر) وهذا المعنى يعبّر عن ضعف الإنسان وعجزه عند ما تنزل به المحن وتحيطه المصاعب والملمّات ، وينقطع عنه العون وأسباب المساعدة ، فيبدأ بالصراخ ولكن بغير نتيجة.
وفي عالمنا هذا ثمّة أمثلة عديدة على «يوم التناد» مثل الأيّام التي ينزل فيها العذاب الإلهي ، أو الأيّام التي يصل فيها المجتمع إلى طريق مسدودة لكثرة ما ارتكب من ذنوب وخطايا ، وقد نستطيع أن نتصور صورا أخرى عن يوم التناد في حياتنا من خلال الحالات التي يمرّ بها الناس بالمشاكل والصعاب المختلفة حيث
__________________
(١) الأعراف ، الآية ٥٠.
(٢) ورد هذا المعنى أيضا في حديث للإمام الصادق عليهالسلام في كتاب «معاني الأخبار» للصدوق.
(٣) هود ، الآية ١٨.
(٤) الحاقة ، الآية ١٩.
(٥) الحاقة ، الآية ٢٥.