أن نحل مشاكلنا وما حلّ بنا ، ولكنا لا نستطيع أن نمنع العذاب عن أنفسنا ولا عنكم ، ولا أن نحتمل عنكم جزاء من العقاب!
والملاحظ هنا أنّ الآية (٢١) من سورة «إبراهيم» تتضمن نفس هذا الاقتراح من قبل الضعفاء إزاء المستكبرين ، الذين قالوا جوابا على هذا : (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ).
والمقصود بالهداية هنا هي الهداية الى طريق الخلاص من العذاب.
وهكذا يظهر أنّ هذين الجوابين لا يتعارضان فيما بينهما ، بل يكمل أحدهما الآخر.
وعند ما تغلق في وجههم السبل ، سبل النجاة والخلاص ، يتوجه الجميع إلى خزنة النّار : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) (١).
إنهم يعلمون أنّ العذاب الإلهي لا يرتفع ، لذلك يطلبون أن يتوقف عنهم ولو ليوم واحد كي يرتاحوا قليلا ... إنّهم قانعون بهذا المقدار!
لكن إجابة الخزنة تأتي منطقية واضحة : (قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ)؟
وفي الجواب قالوا : (قالُوا بَلى).
فيستطرد الخزنة : (قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).
إنّكم بأنفسكم اعترفتم بأنّ الأنبياء والرسل جاءوا بالدلائل الواضحة ، ولكنّكم كفرتم بما جاءكم وكذبتم الأنبياء. لذلك لا ينفعكم الدعاء ، لأنّ الله لا يستجيب لدعاء الكافرين.
بعض المفسّرين يرى في تفسير الجملة الاخيرة أنّ المراد هو أنّنا لا نستطيع الدعاء لكم بدون اذن من الله تعالى ، فادعوا أنتم بذلك ، وذلك اشارة الى انغلاق
__________________
(١) «خزنة» جمع خازن ، وتعني الحارس.