تجاه خالقه جلّ وعلا ويبعده عن التعالي والغرور اللذين يعدّان الأرضيه المناسبة للمجادلة في آيات الله والانحراف عن جادة الصواب والوقوع في المهالك.
من جانب ثالث يعمق الدعاء لدى الإنسان الشعور بأنّه جلّ وعلا منبع النعم ومصدره ويدفعه إلى العشق والارتباط العاطفي مع الله جلّ جلاله.
ومن جانب رابع يشعر الإنسان بالحاجة الى الله تعالى وانه رهين نعمته ، ولذلك فهو موظف بطاعته وتنفيذ أوامره ، ويرهف إحساسه بالعبودية لله تعالى.
وخامس بما أنّه يعلم أنّه للإجابة شروطها ، ومن شروطها خلوص النية ، وصفاء القلب ، والتوبة من الذنوب ، وقضاء حوائج المحتاجين ، والسعي في مسائل الناس من الأقرباء والأصدقاء وغيرهم ، فلذلك يهتم ببناء الذات وإصلاح النفس وتربيتها.
وسادس يركّز الدعاء في نفس الإنسان الداعي عوامل المنعة والإرادة والثقة ، ويجعله أبعد الناس عن اليأس والقنوط أو التسليم للعجز (وقد تحدثنا عن الدعاء وفلسفته وشرائطه ذيل الآيات ٧٧ من سورة الفرقان).
ثمّة ملاحظة مهمّة هنا ، هي أن الدعاء لا يلغي بذل الوسع والجهد من قبل الإنسان ، وإنّما حسبما تفيد الروايات والأحاديث في هذا الشأن ـ على الإنسان أن يسعى ويبذل ويجهد ، ويترك الباقي على الله تعالى. لذا لو جعل الإنسان الدعاء بديلا عن العمل والجهد فسوف لا يجاب إلى مطلبه حتما.
لذلك نقرأ في حديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام أنّه قال : «أربعة لا تستجاب لهم دعوة : رجل جالس في بيته يقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالطلب؟. ورجل كانت له امرأة فدعا عليها ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك؟ ورجل كان له مال فأفسده ، فيقول : اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد؟ ألم آمرك بالإصلاح؟ ورجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة ، فيقال له : ألم آمرك