الْعالَمِينَ) (١).
إنّ هذه المواهب تعود لله مدبر الكون خالق السماوات والأرض ، لذلك فهو الذي يليق بمقام الرّبوبية لا غير.
الآية التي بعدها تستمر في إثارة قضية توحيد العبودية من طريق آخر.
فتؤّكد انحصار الحياة الواقعية بالله تعالى وتقول : (هُوَ الْحَيُ).
إنّ حياته عين ذاته ، ولا تحتاج إلى الغير. حياته (جلّ وتعالى) أبدية لا يطالها الموت ، بينما جميع الكائنات الحية تتمتع بحياة مقرونة بالموت وحياتها محدودة وموقتة تسترفد هذه الحياة من الذات المقدسة.
لذلك ينبغي للإنسان الفاني المحدود المحتاج أن يرتبط في عبادته بالحي المطلق ، من هنا تنتقل الآية مباشرة إلى تقرير معنى الوحدانية في العبودية من خلال قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
وعلى أساس هذه الوحدانية تتقرّر قضية اخرى يتضمنها قوله تعالى : (فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) واتركوا جانبا كلّ شيء غيره. لأنّها جميعا فانية ، وحتى في حال حياتها فهي في تغيّر دائم «فالذي لا يتغيّر هو الله تعالى فقط. والذي لم يمت ولن يموت هو سبحانه فحسب».
ثم تنتهي الآية بقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
والتعبير القرآني درس للعباد بأن يتوجهوا الشكر والحمد إلى الخالق جلّ وعلا دون غيره ، فهو جزيل العطايا كثير المواهب مطلق النعم على عباده ، خاصّة نعمة الحياة والوجود بعد العدم.
الآية الأخيرة من المجموعة القرآنية ، هي في الواقع خلاصة لكل البحوث
__________________
(١) «ذلكم» اسم إشارة للبعيد ، واستخدامها في مثل هذه الموارد كناية على العظمة وعلو المقام.