طلاوة.
قال : فكهانة هي؟
قال : لا.
قال : فما هو؟
قال : دعني أفكّر فيه.
فلمّا كان من الغدو قالوا : يا أبا عبد شمس ما تقول؟
قال : قولوا هو سحر ، فإنّه آخذ بقلوب الناس ، فأنزل الله تعالى فيه : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً) إلى قوله : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (١) (٢).
إنّ هذه الرّواية الطويلة تكشف بوضوح مدى تأثير آيات هذه السورة ، بحيث أنّ أكثر المتعصبين من مشركي مكّة أبدى تأثره بآياتها ، وذلك يظهر جانبا من جوانب العظمة في القرآن الكريم.
نعود الآن إلى المجموعة الأولى من آيات هذه السورة المباركة ، التي تطالعنا بالحروف المقطعة في أوّلها (حم).
لقد تحدثنا كثيرا عن تفسير هذه الحروف ، ولا نرى حاجة للإعادة سوى أنّ البعض اعتبر (حم) اسما للسورة. أو أنّ (ح) إشارة إلى «حميد» و (م) إشارة إلى «مجيد» وحميد ومجيد هما من أسماء الله العظمى.
ثم تتحدث عن عظمة القرآن فتقول : (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
إنّ «الرحمة العامة» و «الرحمة الخاصة» لله تعالى هما باعث نزول هذه الآيات الكريمة التي هي رحمة للعدو والصديق. ولها بركات خاصة للأولياء.
__________________
(١) المدثر ، الآية ١١ ـ ٣٠.
(٢) بحار الأنوار ، المجلد ١٧ ، صفحة ٢١١ فما فوق ، ويمكن ملاحظة القصة في كتب اخرى منها : تفسير القرطبي في مطلع حديثه عن السورة. المجلد الثامن ، صفحة ٥٧٨٢.