الصالحين والمحسنين بحيث أنّ النفس الإنسانية تكاد تطير وتتماوج في أشواق الملكوت والرحمة. وأحيانا تقوم آية بالتهديد والإنذار بشكل تقشعر منه الأبدان لهول الصورة وعنف المشهد.
إنّ هذين الأصلين التربويين (الترغيب والتهديد) متلازمان في الآيات القرآنية ومترابطان في أسلوبه.
ومع ذلك فإنّ المتعصبين المعاندين لا يتفاعلون مع حقائق الكتاب المنزل ، وكأنّهم لا يسمعونها أبدا بالرغم من السلامة الظاهرية لأجهزتهم السمعية ، إنّهم في الواقع يفتقدون لروح السماع وإدراك الحقائق ، ووعي محتويات النذير والوعيد القرآني.
وهؤلاء ـ كمحاولة منهم لثني الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن دعوته ، وايغالا منهم في الغي وفي زرع العقبات ـ يتحدثون عند رسول الله بعناد وعلو وغرور حيث يحكي القرآن عنهم : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ).
ما دام الأمر كذلك فاتركنا وشأننا ، فاعمل ما شئت فإننا عاكفون على عملنا : (فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ).
حال هؤلاء كحال المريض الأبله الذي يهرب من الطبيب الحاذق ، ويحاول أن يبعد نفسه عنه بشتى الوسائل والأساليب.
إنّهم يقولون : إنّ عقولنا وأفكارنا موضوعة في علب مغلقة بحيث لا يصلها شيء.
«أكنّة» جمع «كنان» وتعني الستار. أي أن الأمر لا يقتصر هنا على ستار واحد ، بل هي ستائر من العناد والتقليد الأعمى ، وأمثال ذلك ممّا يحجب القلوب ويطبع عليها.
وقالوا أيضا : مضافا إلى أنّ عقولنا لا تدرك ما تقول ، فإنّ آذاننا لا تسمع لما