الكفر (راجع نهاية الآية (١٤) من سورة النمل).
إنّ الإنسان عند ما يصاب ببلاء معين ، خاصة إذا كان بلاء شديدا ، فإنّه يفكر بمسببه الأصلي كي يعثر عليه وينتقم منه ، وأحيانا يود تقطيعه قطعة قطعة إذا استطاع ذلك.
لذلك تشير الآية التالية إلى هذا المعنى الذي سيشمل الكفار وهم في الجحيم فيقول : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ).
إنّ أولئك كانوا ينهونا عن سماع قول النّبي وكانوا يقولون : إنّه ساحر مجنون ، ثم كانوا يكثرون من اللغو حتى لا نسمع صوته وكلامه ، وبدلا عن ذلك كانوا يشغلوننا بأساطيرهم وأكاذيبهم.
أمّا الآن وقد فهمنا أن كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو روح الحياة الخالدة ، وأنّ نغمات صوته حياة النفوس الميتة ، ولكن «ولات ساعة ندم».
لا ريب أنّ المقصود من الجن والإنس ـ في الآية هم الشياطين ، والناس الذين يقومون بالغواية مثل الشياطين ، وليس هما شخصان معينان.
ولا مانع من تثنية الفعل عند ما يكون الفاعل مجموعتان ، كما في قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
قال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى : (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) : المقصود أنّ المضلين من الجن والإنس سيكونون في أسفل درك من الجحيم ، ولكن الأظهر منه أنّ شدة غضبهم يدفعهم إلى وضع من أغواهم تحت أقدامهم ليركلونهم ويكونوا في أدنى مقام في مقابل ما كان لهم من مقام ومكانة عليا في الحياة الدنيا.
* * *