إنّه تعبير جميل وشامل يتضمّن كلّ الخير والصفات الحميدة ، فأولا يوجّه القلب إلى الله ويوثق الإيمان به تعالى ويقويه ، ثمّ سيطرة هذا الإيمان وهيمنته على كلّ مرافق الحياة ، وثبات السير في هذا الطريق ، طريق الاستقامة (١).
هناك الكثير من الذين يدّعون محبة الله ، إلّا أنّنا لا نرى الاستقامة واضحة في عملهم وسلوكهم ، فهم ضعفاء وعاجزون بحيث عند ما يشملهم طوفان الشهوة يودّعون الإيمان ويشركون في عملهم ، وعند ما تكون منافعهم في خطر يتنازلون عن إيمانهم الضعيف ذلك.
ففي حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه بعد أن تلا الآية قال : «قد قالها الناس ثمّ كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها» (٢).
وفي نهج البلاغة يفسّر الإمام علي عليهالسلام هذه الآية بعبارات حيّة وناطقة عميقة المعنى يقول عليهالسلام : «وقد قلتم «ربنا الله» فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته ، ثمّ لا تمرقوا منها ، ولا تبتدعوا فيها ، ولا تخالفوا عنها» (٣).
وفي مكان آخر نرى أنّ الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام أجاب في تفسير معنى الاستقامة بقوله : «هي والله ما أنتم عليه» (٤).
وهذا لا يعني أنّ الاستقامة تختص بالولاية فقط ، بل إنّ قبول قيادة أئمّة أهل البيت عليهمالسلام سيضمّن بقاء خط التوحيد ، والطريق الإسلامي الأصيل ، واستمرار العمل الصالح ، وهذا هو تفسيره عليهالسلام لمعنى الاستقامة.
وخلاصة القول أن قيمة الإنسان هي بالإيمان والعمل الصالح ، وهذه القيمة
__________________
(١) «استقاموا» من «الاستقامة» وتعني الثبات على الطريق المستقيم الخط الصحيح. وفسرها بعض علماء اللغة بمعنى «الاعتدال» ولا يستبعد الجمع بين المعنيين.
(٢) مجمع البيان في نهاية الحديث عن الآية.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٧٦.
(٤) مجمع البيان في نهاية الحديث عن الآية.