الصالحة ، والاستمرار على نهج الإسلام الصحيح.
أمّا قوله تعالى : (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فللمفسّرين فيه قولان :
الأوّل : أنّ (قال) هنا من (قول) وتعني الاعتقاد ، ويكون المعنى : الذي عنده الاعتقاد الراسخ بالإسلام.
الثّاني : أنّ (قول) بمعنى الحديث والتحدّث ، وحين ذلك يكون المعنى : الذي يفتخر ويتباهى بالدين الإلهي ، وينادي بصوت مرتفع إنني من المسلمين.
المعنى الأوّل يبدو أكثر قبولا بالرغم من أنّ مفهوم الآية يتحمل المعنيين.
بعد بيان الدعوة إلى الله وأوصاف الدعاة إلى الله ، شرحت الآيات أسلوب الدعوة وطريقتها ، فقال تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) (١).
في الوقت الذي لا يملك فيه أعداؤكم سوى سلاح الافتراء والاستهزاء والسخرية والكلام البذيء وأنواع الضغوط والظلم ، ويجب أن يكون سلاحكم ـ أنتم الدعاة ـ التقوى الطهر وقول الحق واللين والرفق والمحبّة.
إنّ المذهب الحق يستفيد من هذه الوسائل ، بعكس المذاهب المصطنعة الباطلة.
وبالرغم من أنّ (الحسنة) و (السيئة) تنطويان على مفهومين واسعين ، إذ تشمل الحسنة كلّ إحسان وجميل وخير وبركة ، والسيئة تشمل كلّ انحراف وقبح وعذاب ، إلّا أنّ الآية تقصد ذلك الجانب المحدّد من السيئة والحسنة ، الذي يختص بأساليب الدعوة.
لكن بعض المفسّرين فسّر الحسنة بمعنى الإسلام والتوحيد ، والسيئة بمعنى الشرك والكفر.
وقال البعض : (الحسنة) هي الأعمال الصالحة. و (السيئة) الأعمال القبيحة.
وهناك من قال : إنّ (الحسنة) هي الصفات الإنسانية النبيلة ، كالصبر والحلم
__________________
(١) تكرار «لا» في «ولا السيئة» هو لتأكيد النفي.