الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١).
وعبارة (يوفي) مشتقّة من (وفى) وتعني إعطاؤه حقّه تاما كاملا. وعبارة (بغير حساب) تبيّن أن للصابرين أفضل الأجر والثواب عند الله ، ولا يوجد عمل آخر يبلغ ثوابه حجم ثواب الصبر والاستقامة.
والشاهد على هذا القول ما جاء في الحديث المعروف الذي رواه الإمام الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والذي جاء فيه : «إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢).
والبعض يعتقد أنّ هذه الآية تخصّ الهجرة الأولى للمسلمين ، أي هجرة مجموعة كبيرة من المسلمين إلى أرض الحبشة تحت قيادة جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ، وكما قلنا مرارا رغم أنّ أسباب النّزول توضيح مفهوم الآية ، إلّا أنّها لا تحددها.
أمّا المنهج الخامس فقد ورد فيه أمر الإخلاص والتوحيد الخالي من شوائب الشرك ، وهنا تتغير لهجة الكلام بعض الشيء ، ويتحدث الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم عن وظائفة ومسئولياته ، إذ يقول : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ).
ثم يضيف : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ). وهذا هو المنهج السادس الذي يعترف بأنّ النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أول الناس إسلاما وتسليما لأوامر البارئ عزوجل.
أمّا المنهج السابع والأخير فيتناول مسألة الخوف من عقاب البارئ عزوجل يوم القيامة ، قال تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ
__________________
(١) «بغير حساب» من الممكن أن تكون متعلقة بـ (يوفى) ، أو أنها (حال) لـ (أجرهم) لكن الاحتمال الأول أنسب.
(٢) تفسير مجمع البيان ذيل آيات البحث ، ونفس المعنى مع اختلاف بسيط ورد في تفسير القرطبي نقلا عن الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام عن جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.