وذاته المقدّسة الطاهرة ، فهذا العالم الواسع مليء بالملائكة المقرّبين الذين يركعون ويسجدون ويسبحون له دائما ولا يفترون أبدا.
ثم إنّ هؤلاء هم بحاجة إلى عبادة الله ولا يحتاج تعالى لعبادتهم ، لأنّ فخرهم وكمالهم لا يتمّ إلّا في ظل العبودية له سبحانه وتعالى.
ولقد ذكرنا أنّ الآيات أعلاه هي من آيات السجدة ، ، وثمّة اختلاف بين فقهاء أهل السنة في أنّ السجدة هل تكون واجبة بعد بداية الآية الأولى (تعبدون) أو أنّها تكون كذلك بعد تمام الآيتين (يسأمون)؟
ذهب الشافعي ومالك إلى الاحتمال الأول ، بينما رجح آخرون كأبي حنيفة وأحمد بن حنبل الاحتمال الثّاني.
إلّا أنّ موقع السجدة الواجبة حسب اعتقاد علماء الإمامية ، وفقا للرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام ، هي الآية الأولى (تعبدون) والآية الكريمة هي من آيات السجدة الواجبة في القرآن الكريم.
وضروري أن نشير هنا إلى أنّ الواجب هو أصل السجدة ، أمّا الذكر فهو مستحب ، ونقرأ في رواية أنّ أقل هذا الذكر في السجدة هو القول : «لا إله إلّا الله حقّا حقّا ، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا ، لا إله إلا الله عبودية ورقا سجدت لك يا ربّ تعبدا ورقا ، لا مستنكفا ولا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» (١).
نعود مرّة اخرى إلى آيات التوحيد التي تعتبر الأرضية للمعاد ، وإذا كان الحديث قد شمل في السابق الشمس والقمر والآيات السماوية ، فإنّ الحديث هنا يدور حول الآيات الأرضية.
يقول تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ).
هذه الأرض الميتة اليابسة الخالية من الحركة وآثار الحياة ، أي قدرة حولتها
__________________
(١) وسائل الشيعة ، كتاب الصلاة ، المجلد الرابع ، صفحة ٨٨٤ ، [باب ٤٦ من أبواب قراءة القرآن ، حديث رقم (٢)].