بعبارة اخرى : إنّ الحياة مستحيلة بدون هذين السائلين العاديين ظاهرا!
فبدون أن يكون سطح العين رطبا بشكل دائم يستحيل دوران الحدقة التي ستصاب بآلام كثيرة والأذى بمجرّد ملامستها لأجسام صغيرة ، بل ستمنعها هذه الأجسام عن الحركة.
كذلك إذا لم يكن فم الإنسان وبلعومه رطبا ، فإنّ الكلام يصبح أمرا مستحيلا بالنسبة له ، وكذلك مضغ الطعام وبلعه. بل وحتى التنفس إذا كان الفم جافا.
وكذلك ينبغي أن تكون التجاويف الأنفية رطبة دائما حتى يسهل دخول الهواء ومروره باستمرار.
والدقيق هنا أنّ ماء العين ينزل عبر قنوات خاصة من العين إلى الأنف للمحافظة على رطوبته ، وإذا قدّر لهذا المجرى أن يغلق ليوم واحدا فقط ـ كما نشاهد ذلك في حال بعض المرضى ـ فإن الدموع ستسيل على الوجه بشكل دائم وسيكون لها منظر مزعج مؤذ.
ونفس الكلام يقال بالنسبة للغدد اللعابية في الفم ، فقلّة إفرازاتها تزيد من جفاف اللسان والفم والبلعوم ، وكثرته تعوق التحدث وتجعل اللعاب يسيل من الفم إلى الخارج.
ثم إنّ المذاق الملحي للغدد الدمعية يؤدي إلى حفظ أنسجة العين ضدّ الأجسام الغريبة بمجرّد دخولها إلى العين.
بينما يفتقد اللعاب لأي طعم ، كي يستطيع الإنسان أن يشعر بالمذاق الخاص للأطعمة ، بينما تساعد الأملاح الموجودة فيه على هضم الطعام.
وإذا تدبرنا في طبيعة التكوين الكيمياوي والفيزيائي لسوائل هذه الغدد وأنظمتها الدقيقة ومنافعها ، نتبيّن عندها أنّ وجودها لا يمكن أن يكون مجرّد صدفة عمياء لا تعقل ولا تعي ، بل هي من آيات الله الأنفسية ومصداق لقوله الحق جلّ وعلا : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ).