وثمّة في كتاب الله آيات اخرى تشير إلى هذا المعنى :
قوله تعالى : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (١).
قوله تعالى : (ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) (٢).
قوله تعالى : (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٣).
قوله تعالى : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) (٤).
إنّ هذه الآيات تبيّن حقيقة حرية العباد واختيارهم الطريق الذي يريدونه بإرادتهم وحريتهم ، لأنّ القيمة الحقيقة للإيمان والعمل الصالح تمكن في حرية الإختيار ، وليس للإيمان أو العمل الإجباري أي قيمة معنوية.
يعود القرآن إلى قضية الوحي مرّة اخرى ، وإذا كانت الآيات السابقة قد تحدّثت عن أصل الوحي ، فإنّ الكلام هنا ينصب حول الهدف النهائي له ، إذ يقول تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) و «امّ القرى» هي مكّة المكرمة ، ثمّ تنذر الناس من يوم القيامة وهو يوم الجمع الذي يجتمع فيه الناس للحساب والجزاء : (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ).
وفي ذلك اليوم ينقسم الناس إلى مجموعتين : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).
وقد يكون التعبير بـ «كذلك» إشارة إلى أنّه مثلما أوحينا إلى الأنبياء السابقين بلسانهم ، فإنّنا كذلك أوحينا إليك بلسانك ، هذا القرآن العربي.
وعليه تكون «كذلك» إشارة إلى : (وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ).
ويمكن أن تكون إشارة إلى ما بعدها ، يعني أنّا أوحيناه إليك بهذه الصورة
__________________
(١) الغاشية ، الآية ٢٢.
(٢) سورة ق ، الآية ٤٥.
(٣) الأنعام ، الآية ١٠٧.
(٤) المائدة ، الآية ٩٩.