الشرعية ، أم القضايا الحقوقية والقضائية ، أم غير ذلك ممّا يحدث بين الناس لقلّة معلوماتهم ومحدوديتها ، إنّ ذلك ينبغي أن يحل عن طريق الوحي ، وبالرجوع إلى علم الله وولايته.
وبعد ذكر الدلائل المختلفة على اختصاص الولاية بالله ، تقول الآيات على لسان النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) (١) فهو الذي يتصف بهذه الأوصاف الكمالية ولهذا السبب : (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أيّ أعود إليه في المشكلات والشدائد والزلات.
جملة : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) تشير إلى الربوبية المطلقة لله بمعنى الحاكمية المتزامنة مع التدبير. ونحن نعلم أنّ للربوبية قسمين : القسم التكويني الذي يعود إلى إرادة نظام الوجود ، والقسم التشريعي الذي يقوم بتوضيح الأحكام ووضع القوانين وإرشاد الناس بواسطة الرسل والأنبياء عليهمالسلام.
وعلى أساس ذلك طرحت الآية فيما بعد قضية «التوكل» و «الإنابة» حيث تعني الأولى رجوع جميع الأمور الذاتية في النظام التكويني إلى الخالق جلّ وعلا.
والثّانية تعني رجوع الأمور التشريعية إليه (٢).
الآية التي تليها يمكن أن تكون دليلا خامسا على ولاية الله المطلقة ، أو دليلا على ربوبيته ، واستحقاقه دون غيره للتوكل والإنابة ، إذ تقول : (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
«فاطر» من مادة «فطر» وتعني في الأصل فتق شيء ما ، ويقابلها «قط» التي تعني بقول البعض الشق العرضي.
وكأنّما الآية تشير إلى تفتق ستار العدم المظلم عند خلق الكائنات وخروج
__________________
(١) في بداية هذه الجملة تكون كلمة «قل» مقدّرة ، فهذه الجملة وما بعدها تتحدث عن لسان النبيّ فقط ، أمّا جملة (مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) فهي استمرار لحديث الخالق جلّ وعلا. والذين اختاروا غير ذلك لم يسلكوا الطريق الصحيح في الظاهر.
(٢) الميزان ، المجلد ١٨ ، الصفحة ٢٣.