إنّ وجود الله تعالى ليس له نهاية ولا يحد بحد ، وكل شيء غيره له نهاية وحد من حديث القدر والعمر والعلم والحياة والإرادة والفعل ... ، وفي كلّ شيء.
وهذا هو خط تنزيه الخالق من نقائص الممكنات.
لذا فإنّ ما يثبت لغيره لا يصح عليه (سبحانه وتعالى) ولا ينطبق على ذاته المنزّهة ، بل ولا معنى له.
فبالنسبة إلينا تكون بعض الأمور سهلة والأخرى صعبة ، وبعض الأحداث وقع في الماضي وبعضها يقع الآن ، ومنها ما يقع في المستقبل. وبعض الأشياء صغير وبعضها كبير.
إنّ مقاييس هذه الأشياء ومدلولاتها ومفاهيمها تحتكم إلى وجودنا المحدود ، وهي تلائم إدراكنا وحاجتنا إلى مقايسة الأشياء بغيرها.
أمّا هذه المواصفات والمقاييس والمصطلحات المحدودة ، فإنّ أيا منها لا ينطبق على صفات الله ، إذ لا معنى لديه للقرب والبعد ، فالكل قريب وفي متناول إرادته ، ولا معنى للصعب والسهل ، فكل شيء سهل وطوع إرادته المطلقة ، ولا يوجد مستقبل وماض ، فكل شيء بالنسبة إليه تعالى حضور وحال.
إنّ إدراك هذه المعاني غير مستطاع من دون تفريغ الذهن وتخليته ممّا هو فيه.
لهذا السبب يقال : إنّ من السهل معرفة أصل وجود الخالق جلّ وعلا ، لكن من الصعب معرفة صفاته.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في هذا الشأن : «وما الجليل واللطيف ، والثقيل والخفيف ، والقوي والضعيف في خلقه إلّا سواء» (١).
تشير نهاية الآية إلى صفات اخرى من صفات الله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
هو الخالق والمدبّر ، والسميع والبصير ، وفي نفس الوقت ليس له شبيه أو نظير
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٨٤.