موجودا قبل الإسلام وإن اسبقيته دليل على أفضليته.
أو ، ما دمتم تدّعون الوحدة فتعالوا وآمنوا بدين موسى عليهالسلام لأن الطرفين يقبلانه.
ولكن ـ كما قلنا ـ فإن من المستبعد أن يكون الكلام في هذه الآيات مع اليهود أو أهل الكتاب ، لأن «المحاججة في الله» أكثر ما تخص المشركين ، لذا فإنّ الجملة أعلاه تشير إلى الأدلة الواهية للمشركين في قبولهم بالشرك ، والتي منها شفاعة الأصنام أو اتباع دين الآباء والأجداد.
على أية حال ، فالمعاندون الذين يصرون على عنادهم بعد وضوح الحق ، سيفتضح أمرهم بين خلق الله ، وسيشملهم غضب الخالق في هذا العالم والعالم الآخر.
ثم يشير القرآن إلى أحد أدلة التوحيد وقدرة الخالق ، وفي نفس الوقت يتضمّن إثبات النبوة حيال المتحاججين ذوي المنطق الواهي ، حيث تقول الآية : (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ).
«الحق» كلمة جامعة تشمل المعارف والعقائد الحقة ، والأخبار الصحيحة والبرامج المتطابقة مع الحاجة الفطرية والاجتماعية ، وما شابه ذلك ، لأن الحق هو الشيء الموجود الذي يطابق مصداقه الخارجي ، وليس له جنبة ذهنية وخيالية.
وأمّا «الميزان» فله معنى عام في مثل هذه الموارد ، بالرغم من أن معناه اللغوي هو وسيلة لقياس الوزن ، إلّا أنّه في معناه الكنائي يطلق على أي معيار للقياس والقانون الإلهي الصحيح ، وحتى شخص الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، حيث أن وجودهم معيار لتشخيص الحق من الباطل وميزان يوم القيامة ، والميزان في القيامة يراد به هذا المعنى.
بناء على هذا فإنّ الخالق أنزل كتابا على نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بحيث يعتبر هو الحق ، والميزان للتقييم ، والتدقيق في محتوى هذا الكتاب سواء معارفه وعقائده ،