يَشاءُ وَيَقْدِرُ).
ونقرأ في آية قادمة في هذا السورة : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) (١).
وواضح أن (الرزق) هنا يشمل الرزق المعنوي والمادي ، والجسماني والروحاني فعند ما يكون هو مصدر اللطف والرزق ، فلما ذا تتوجهون نحو الأصنام التي لا ترزق ولا تتلطف ، لا تحل مشاكلكم.
وتقول الآية في نهايتها : (وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ).
وعند ما يعد الله تعالى عباده بالرزق واللطف فهو قادر على إنجاز هذا الأمر ، ولهذا السبب لا يوجد أي تخلف في وعوده أبدا.
ومن الضروري الانتباه إلى هذه الملاحظة وهي أن (لطيف) لها معنيان : الأوّل : أنّه صاحب اللطف والمحبة والرحمة. والثّاني : علمه بجميع الأمور الصغيرة والخافية ، وبما أن رزق العباد يحتاج إلى الإحاطة والعلم بالجميع وفي أي مكان كانوا ، سواء في السماء أو في الأرض ، لذا فإن الآية تشير في البداية إلى لطفه ثمّ إلى رزقه ، كما أن القرآن يضيف في الآية (٦) من سورة هود وبعد أن يذكر : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) قوله : (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها).
وطبعا لا يوجد أي تناقض بين هذين المعنيين ، بل يكمل أحدهما الآخر ، فاللطيف هو الشخص الذي يكون كاملا من حيث المعرفة والعلم ، ومن حيث اللطف والمحبّة لعباده ، وبما أن الخالق يعلم باحتياجات عباده بشكل جيد فانه يسدد احتياجاتهم بأفضل وجه ، لذا فهو الاجدر بهذا الاسم.
على أية حال ، فإنّ الآية أعلاه أشارت إلى أربعة صفات من أوصاف الخالق : اللطف ، والرزق ، والقوّة ، والعزّة ، وهي أفضل دليل على مقام (ربوبيته) ، لأن (الرب) يجب أن تتوفر فيه هذه الصفات.
__________________
(١) الآية ٢٧ ـ نفس هذه السورة.