لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً).
عبارة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) تتلاءم مع ما ورد في آيات قرآنية اخرى ، مثل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١) و (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (٢).
على أية حال ، فالآية أعلاه صورة ناطقة تعكس التفكير الإسلامي بالنسبة الى الحياة الدنيا ، الدنيا المطلوبة لذاتها ، والدنيا التي تعتبر مقدمة للعالم الآخر ومطلوبة لغيرها ، فالإسلام ينظر إلى الدنيا على أنّها مزرعة يقتطف ثمارها يوم القيامة.
والعبارات الواردة في الروايات أو في آيات قرآنية اخرى تؤّكد هذا المعنى.
فمثلا تشبّه الآية (٢١٦) من سورة البقرة المنفقين بالبذر الذي له سبعة سنابل ، وفي كلّ سنبلة مائة حبة ، وأحيانا أكثر. وهذا نموذج لمن يبذر البذور للآخرة.
ونقرأ في حديث عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. «وهل يكب الناس على مناخرهم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم» (٣).
وجاء في حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «إن المال والبنين حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الآخرة ، وقد يجمعهما الله لأقوام» (٤).
ويمكن أن نستفيد هذه الملاحظة من الآية أعلاه ، وهي أن الدنيا والآخرة تحتاجان إلى السعي ، ولا يمكن نيلهما دون تعب وأذى ، كما أن البذر والثمر لا يخلوان من التعب والأذى ، لذا فالأفضل للإنسان أن يزرع شجرة ويبذل جهده في تربيتها ، ليكون ثمرها حلو المذاق ودائميا وأبديا ، وليست شجرة تموت بسرعة وتفنى.
__________________
(١) الأنعام ، الآية ١٦٠.
(٢) فاطر ، الآية ٣٠.
(٣) المحجة البيضاء ، المجلد الخامس ، ص ١٩٣ (كتاب آفات اللسان).
(٤) الكافي ، وفقا لنقل نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٦٩.