المقصود من (كلمة الفصل) هي المدّة المقررة المعطاة من قبل الخالق لمثل هؤلاء الأفراد ، كي تكون لهم حرية العمل وتتم الحجة عليهم.
كما أن عبارة (ظالمين) تتحدث عن المشركين الذين لهم عقائد منحرفة قبال القوانين الإلهية وذلك بسبب اتساع مفهوم الظلم ، وإطلاقه على أي عمل ليس في مورده.
ويظهر أن المقصود من (العذاب الأليم) هو عذاب يوم القيامة ، لأن هذه العبارة عادة ما تستخدم بهذا المعنى في القرآن الكريم ، والآية التي بعدها تشهد على هذه الحقيقة ، وما قاله بعض المفسّرين (كالقرطبي) من أن ذلك يشمل عذاب الدنيا والآخرة مستبعد.
ثم تذكر الآية بيانا مجملا حول (عذاب الظالمين) ثمّ بيانا مفصلا عن (جزاء المؤمنين) ، فتقول : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ). (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ).
«روضات» جمع (روضة) وتعني المكان الذي يشتمل على الماء والشجر الكثير ، لذا فإن كلمة (روضة) تطلق على البساتين الخضراء ، ونستفيد من هذه العبارة بشكل واضح أن بساتين الجنّة متفاوتة ، والمؤمنون من ذوي الأعمال الصالحة في أفضل بساتين الجنّة ، ومفهوم هذا الكلام أنّ المؤمنين المذنبين سيدخلون الجنّة بعد أن يشملهم العفو الإلهي بالرغم من أن مكانهم ليس في (الروضات).
إلّا أن الفضل الإلهي بخصوص المؤمنين ذوي الأعمال الصالحة لا ينتهي هنا ، فسوف يشملهم اللطف الإلهي بحيث : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
ولهذا الترتيب لا يوجد أي قياس بين (العمل) و (الجزاء) ، بل إن جزاءهم غير محدود من جميع الجهات ، لأن جملة : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) تكشف عن هذه الحقيقة.
والأجمل من ذلك عبارة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) حيث توضح اللطف الإلهي