في محاربته عن عداوة وعناد ، فهؤلاء سوف لا يشملهم عفوه ورحمته ، ولا خلاص لهم من عذابه.
«محيص» مأخوذة من كلمة (حيص) على وزن (حيف) وتعني الرجوع والعدول عن أمر ما ، وبما أن (محيص) اسم مكان ، لذا وردت هذه الكلمة ، بمعنى محل الهروب أو الملجأ.
والكلام في آخر آية موجّه إلى الجميع حيث تقول : (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا).
فلا تتصوروا أنّه سيبقى لكم ، لأنّه كالوميض الذي يبرق ثمّ يخبو ، وكالشمعة في مهبّ الريح والفقاعة على سطح الماء ، ولكن (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
فلو استطعتم أن تستبدلوا هذا المتاع الدنيوي الزائل المحدود التافه بمتاع أبدي خالد ، فتلك هي التجارة المربحة العديمة النظير.
فالمواهب في هذه الدنيا لا تخلو من المشاكل ، حيث توجد الأشواك دائما إلى جانب الورود ، والمحبطات إلى جانب الآمال ، في حين أن الأجر الإلهي لا يحتوي على أي إزعاجات ، بل هو خير خالص ومتكامل.
ومن جانب آخر فإن هذه المواهب مهما كانت فستزول حتما ، إلّا أن الجزاء الأخروي أبدي خالد ، عندها هل يقبل العقل أن يستغني الإنسان عن هذه التجارة المربحة ، أو يصاب بالغرور والغفلة وتبهره زخارف الدنيا؟
لذا فإننا نقرأ في الآية ٣٨ من سورة التوبة : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ).
وأساسا ، فإنّ «الحياة الدنيا» (بالمعنى المتقدم) تشير إلى الحياة الدنية والحقيرة ، وطبيعي أن أي متاع أو وسائل للاستفادة من مثل هذه الحياة ستكون ـ أيضا ـ مثلها في القيمة.