وإذا غضب ، حرم الله جسده على النّار» (١).
الآية الأخرى تشير إلى الصفة الثّالثة والرّابعة والخامسة والسادسة ، حيث تقول : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ).
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ).
(أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) (٢).
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
فالآية السابقة كانت تتحدث عن تطهير النفس من الذنوب والتغلب على الغضب ، إلّا أنّ الآية التي نبحثها تتحدث عن بناء النفس في المجالات المختلفة ، ومن أهمها إجابة دعوة الخالق ، والتسليم حيال أوامره ، حيث أن الخير كلّ الخير تجسد في هذا الأمر. فهم مستسلمون بكل وجودهم لأوامره ، وليست لهم إرادة إزاء إرادته ، ويجب أن يكونوا هكذا ، لأنّ الاستسلام والاستجابة أمران حتميان بعد تطهير القلب والروح من آثار الذنب الذي يعيق السير نحو الحق.
ونظرا لوجود بعض القضايا المهمّة في التعليمات الإلهية يجب الإشارة إليها بالخصوص ، لذا نرى أن الآية أشارت إلى بعض المواضيع المهمّة وخاصة (الصلاة) التي هي عمود الدين وحلقة الوصول بين المخلوق والخالق ومربية النفوس ، وتعتبر معراج المؤمن وتنهى عن الفحشاء والمنكر.
بعد ذلك تشير الآية إلى أهم قضية اجتماعية وهي «الشورى» فبدونها تعتبر جميع الأعمال ناقصة ، فالإنسان الواحد مهما كان قويا في فكره وبعيدا في نظره ، إلّا أنّه ينظر للقضايا المختلفة من زاوية واحدة أو عدّة زوايا ، وعندها ستختفي عنه الزوايا والأبعاد الأخرى ، إلّا أنّه وعند التشاور حول القضايا المختلفة تقوم العقول
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم ـ طبقا لنقل نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٨٣.
(٢) يقول بعض المفسّرين أنّه متى ما كانت (شورى) مصدرا وتعني المشاورة يجب أن تضاف لها كلمة (ذو) ويصبح تقدير الجملة (أمرهم ذو شورى بينهم) ... أو للمبالغة والتأكيد ، لأن ذكر (المصدر) بدلا من (الصفة) يوصل هذا المعنى عادة ، لكن إذا كانت شورى كما يقول الراغب في مفرداته بمعنى (الأمر الذي يتشاور فيه) عندها لا حاجة للتقدير (لاحظ ذلك).