الإسلامية إلى جميع ذلك ، وبيّنا شرح ذلك في نهاية الآية السابقة.
وهناك قولان للمفسرين بخصوص المقصود من كلمة (روح) في هذه الآية : الأوّل : إن المقصود هو القرآن الكريم ، لأنّه أساس حياة القلوب وحياة جميع الأحياء ، وقد اختار هذا القول أكثر المفسّرين (١).
ويقول الراغب في مفرداته : سمي القرآن روحا في قوله : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) وذلك لكون القرآن سبب للحياة الأخروية.
وهذا المعنى يتلاءم بشكل كامل مع القرائن المختلفة الموجودة في الآية مثل عبارة (كذلك) التي تشير إلى قضية الوحي ، وعبارة (أوحينا) وعبارات اخرى بخصوص القرآن وردت في نهاية هذه الآية.
وبالرغم من أن (روح) وردت غالبا بمعاني اخرى سائر آيات القرآن ، إلّا أنّه ـ وفقا للقرائن أعلاه ـ يظهر أنّها وردت هنا بمعنى القرآن.
وقد قلنا أيضا في تفسير الآية ٢ من سورة النحل : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أن كلمة (روح) في هذه الآية ـ وفقا للقرائن ـ وردت بمعنى (القرآن والوحي والنبوة) وفي الحقيقة فإن هاتين الآيتين تفسر إحداهما الأخرى.
فكيف يمكن للقرآن أن لا يكون روحا في حين أنّنا نقرأ في الآية (٢٤) من سورة الأنفال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ).
التّفسير الثّاني : أنّ المقصود هو (روح القدس) (أو ملك أفضل حتى من جبرائيل وميكائيل وكان يلازم النّبي دائما).
ووفقا لهذا التّفسير فإن (أوحينا) تكون بمعنى (أنزلنا) يعني أنزلنا روح القدس عليك ، أو ذلك الملك العظيم (بالرغم من أنّنا لم نر كلمة (أوحينا) لهذا
__________________
(١) الطبرسي في مجمع البيان ، الشيخ الطوسي في التبيان ، الفخر الرازي في التّفسير الكبير المراغي في تفسير المراغي وجماعة آخرون.