يعتبرون الأصنام شفعاء لهم عند الله ، وأحيانا يبتدعون أحكاما كاذبة في الحلال والحرام وينسبونها إلى الله ، وما شابه ذلك.
وأمّا الكلام الصادق الذي أنزل إليهم وكذّبوه فهو القرآن المجيد.
خاتمة الآية تبيّن في جملة قصيرة جزاء أمثال هؤلاء الأفراد ، قال تعالى : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (١).
أمّا المجموعة الثّانية فقد وصفها القرآن الكريم بوصفين ، إذ قال : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
فبعض الرّوايات الواردة عن أئمّة الهدى عليهمالسلام فسّرت : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) بأنّها تعود على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم و (صَدَّقَ بِهِ) تعود على علي عليهالسلام (٢) ، وبالطبع فإن المقصود من ذلك هو باين مصداقية الآية ، لأنّ عبارة : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) دليل على شمولية الآية.
ومن هنا يتّضح أنّ تفسير الآية المذكورة أعلاه بأن المراد شخص رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو مهبط الوحي والمصدق به في نفس الوقت ، فهو أيضا من قبيل بيان مصداق الآية وليس بيان المفهوم العام لها.
لذلك فإنّ مجموعة من المفسّرين فسّروا عبارة قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) بأنّه يعني كلّ الأنبياء و (صَدَّقَ بِهِ) يعني أتباعهم الحقيقيين ، وهم المتقون.
وهناك تفسير آخر للآية ، لكنّه أوسع وأكثر شمولية من التفاسير الأخرى ، رغم أنّه لم يحظ كثيرا باهتمام المفسّرين ، لكنّه أكثر انسجاما مع ظاهر الآيات ، والتّفسير هو أن (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) ليس منحصرا في الرّسل فقط ، وإنّما يشمل كلّ الذين يبلغون نهج الأنبياء ويروجون كلام الله ، وفي هذه الحالة فلا يوجد أي
__________________
(١) «مثوى» : من مادة (ثواء) وتعني الإقامة المستمرة في مكان ما ولهذا فإنّ (مثوى) هنا تعني المكان والمنزل الدائم.
(٢) مجمع البيان ذيل آيات البحث.