وبعبارة اخرى : هل ينجو قلب من يتصف بتلك الصفات القبيحة ، من الغرق في الظلمات والحجب؟!
وبعبارة اخرى أوضح : أنّ لهذه الأعمال والصفات آثارا تلاحق الإنسان شاء أم أبى ، إذ ترمي بستائرها على عينيه وأذنيه وعقله ، وتؤدي به إلى الضلال ، ولكون خصوصيات كلّ الأشياء وتأثيرات كلّ الأسباب إنّما هي بأمر من الله ، ومن الممكن أيضا أن ينسب الإضلال إليه سبحانه وتعالى في جميع هذه الموارد ، وهذه النسبة هي أساس اختيار الإنسان وحرية إرادته.
هذا فيما يتعلق بالضلالة ، أمّا فيما يخص الهداية ، فقد وردت في القرآن المجيد شروط وأوصاف تبيّن أنّ الهداية لا تقع من دون سبب وخلاف الحكمة الإلهية.
وقد استعرضت الآيات التالية بعض الصفات التي تجعل الإنسان مستحقا للهداية ومحاطا باللطف الإلهي ، منها : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١).
إذن فاتباع أمر الله ، وكسب مرضاته يهيئان الأرضية للهداية الإلهية.
وفي مكان آخر نقرأ : (إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) (٢) إذن فالتوبة والإنابة تجعلان الإنسان مستحقا للهداية.
وفي آية اخرى ورد : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٣) فالجهاد ، وخاصة (الجهاد الخالص في سبيل الله) هو من الشروط الرئيسية للهداية.
وأخيرا نقرأ في آية اخرى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٤) أي أن قطع مقدار من طريق الهداية هو شرط للاستمرار فيه بلطف البارئ عزوجل.
__________________
(١) المائدة ، الآية ١٦.
(٢) الرعد ، الآية ٢٧.
(٣) العنكبوت ، الآية ٦٩.
(٤) محمّد ، الآية ١٧.