والمنطق ، منها ما نسب إليهم الأشكال الغريبة والعجيبة والمرعبة ، وأنّهم موجودات سامة وذوات أذناب! مؤذية ، ومبغضة ، سيئة التصرف والسلوك إذ يمكن أن تحرق دورا بمجرّد أن يسكب إناء ماء مغلي في بالوعة مثلا ، وأوهام أخرى من هذا القبيل ، في حين أنّ أصل الموضوع إذا تمّ تطهيره من هذه الخرافات قابلا للقبول ، لأننا لا نملك دليلا على حصر الموجودات الحية بما نحن نراه ، بل يقول علماء العلوم الطبيعية : إنّ الكائنات التي يستطيع الإنسان أن يدركها بحواسه ضئيلة بالنسبة للموجودات التي لا تدرك بالحواس.
وفي الفترة الأخيرة وقبل أن يكشف المجهر هذه الكائنات الحية ، لم يصدق أحد أنّ هناك الآلاف المؤلفة من الموجودات الجية المتواجدة في قطرة الماء أو الدم لا يمكن للإنسان أن يراها ويقول أيضا : إنّ أعيننا ترى ألوانا محدودة ، وكذا آذاننا تسمع أمواجا صوتية محدودة ، والألوان والأصوات التي لا ندركها بآذاننا وأعيننا أكثر بكثير من تلك التي تدرك ، وعند ما تكون الدنيا بهذا الشكل لا يبقى موضع للتعجب من وجود هذه الكائنات الحية ، والتي لا يمكن لنا إدراكها بالحواس ، ولم لا نتقبل ذلك عند ما يخبرنا انسان صادق كالنّبي العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
على أي حال فإنّ القرآن المجيد قد أخبرنا من جهة بوجود الجن وخصوصياته المذكورة سلفا ، ومن جهة أخرى ليس هناك دليل عقلي على عدم وجود الجن ، ولهذا لا بدّ من الإعتقاد بهم ، وتجنب الأقوال التي لا تليق بهم كما في خرافات العوام.
وممّا يلاحظ أيضا أنّ لفظ الجن يطلق أحيانا على مفهوم أوسع يشمل أنواعا من الكائنات المستورة أعم من الكائنات ذوات العقل والإدراك ولفاقدة لهما ، وحتى مجاميع الحيوانات التي ترى بالعين والمختفية في الأوكار أيضا ، والدليل على ذلك روايات وردت عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال : «خلق الله الجن خمسة أصناف : صنف كالريح في الهواء ، وصنف حيات ، وصنف عقارب ، وصنف