شأنه : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً).
أي دعني وايّاهم ، واترك عقابهم لي ومهلهم قليلا. لتتمّ الحجّة عليهم ولتظهر ماهيتهم الحقيقية ، ويثقلوا ظهورهم بالخطايا فعندها يحلّ عليهم غضبي.
ولم يمض كثير حتى ازدادت شوكة المسلمين ، ووجهوا ضرباتهم القوية لأعداء الرسالة ، وذلك في معارك بدر وحنين والأحزاب ، وبالتالي كان العذاب الإلهي ينتظرهم في البرزخ ، حتى يخلدوا بعد ذلك في النّار في يوم القيامة.
والتعبير بـ «أولي النعمة» إشارة الغرور والغفلة الناجمة من كثرة الأموال والثروة المادية ، ولهذا يذكرهم القران في النصف الأوّل من المخالفين على طول تاريخ الأنبياء ، وفي الحقيقة أنّ هذه الآية مشابهة للآية (٣٤) من سورة سبأ حيث يقول تعالى : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) في حين أنّ هؤلاء لا بدّ أن يلبوا دعوة الحق قبل غيرهم ليشكروا الله على ما أنعم عليهم بهذا الوسيلة.
ثمّ يقول مصرّحا : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً).
«الأنكال» : جمع (نكل) ، على وزن (فكر) وهي السلاسل الثقال ، وأصلها من نكول الضعف والعجز ، أي أنّ الإنسان يفقد الحركة بتقييد أعضائه بالسلاسل.
نعم ، لقد تنعموا في الدنيا وأخذوا حريتهم المطلقة ، ولهذا لا بدّ لهم من القيود والنّار.
وكذا يضيف : (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً).
هذا مصير من كان يتلذذ بالطعام بعكس ما كان طعامهم في الدنيا الحرام ، حيث العذاب الأليم ، ولمّا تمتع به المغرورون والمستكبرون من الراحة غير المشروعة في هذه الدنيا ، والطعام الموصوف بالغصّة هو بحدّ ذاته عذاب أليم ، ثمّ يتبع ذلك بذكر العذاب الأليم على انفراد ، وهذا يشير إلى أنّ أبعاد العذاب الاخروي الذي لا يعلم شدّته وعظمته إلّا الله تعالى ، ولهذا ورد في حديث أنّ